الخميس، 17 ديسمبر 2009

ترجمة المقدمة في كتاب أمة الشركات الصاعدة

المقدمة:
استخدم مؤلفي الكتاب أسلوب سرد القصص لنقل المعلومة إلى القراء، وتعمدا ذكر أهم قصص النجاح التي حققتها الشركات الصاعدة الإسرائيلية في المقدمة لجذب إهتمام القراء وشدهم إلى محتوى الكتاب وإثارة التساؤل المهم: كيف استطاعت إسرائيل الدولة الصغيرة المؤسسة قبل 60 سنة أن تحقق هذه النجاحات الاقتصادية الهائلة خاصة في القطاع التقني. أول قصة هي قصة رائد الأعمال الإسرائيلي شاي أجاسي الذي باع شركته التقنية TopTier للعملاق التقني الألماني SAP في عام 2000 مقابل 400 مليون دولار. في هذه القصة يستطيع شاي أن يقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز على أن يقدم فكرة تجارية جديده لشركات تصنيع السيارات العالمية. فكرة شاي هي إقناع شركات السيارات على الإعتماد على الطاقة الكهربائية لتشغيل السيارات بدلاً من البترول الذي قارب على النفاذ والذي يستخدم لدعم الإرهاب (إيران). يقوم بيريز وشاي بعرض الفكرة على الشركات الأمريكية التي تستهين بالفكرة خصوصاً وأنها مبنية على أساس أن يتم تصنيع البطاريات في إسرائيل، ويتم تطبيق الفكرة في إسرائيل كنموذج أولي، ومن ثم إن نجحت الفكرة يتم نشرها عالمياً. طبعاً، شركات السيارات قد بحثت كثيراً في مجال الطاقة الكهربائية، والكثير من الشركات رفضت الفكرة. وفي أحد اللقاءات يتم عرض الفكرة على رئيس شركتي نيسان ورينولت كارلوس غصن اللبناني، الذي يعجب بالفكرة ويبدي إستعداد شركة نيسان على تطبيقها، خصوصاً أن فكرة شاي تقدم حل لمشكلة طول مدة شحن البطاريات الكهربائية وكذلك ارتفاع ثمنها. الفكرة الجديدة هو أن يتم تأجير البطاريات بدل من بيعها مع السيارة، وأيضاً يتم الشحن في محطات خاصة تقوم بتبديل البطارية بشكل آلي. طبعاً، تنتقل القصة لتبين كيف أنتقل شاي إلى مرحلة التنفيذ وقام بتحويل فكرته إلى شركة سماها Better Place وتوضح القصة كيف قام أحد المليارديرات الإسرائيليين باستثمار 130 مليون دولار في الشركة لمساعدتها على النهوض والإنطلاق، واستطاع شاي أن يقوم بتوفير 70 مليون دولار أخرى من مستثمرين آخرين. وسيتم تطبيق أول خطوة من هذه الفكرة في إسرائيل، كما أنضمت الدنمرك واستراليا وبعض الولايات الأمريكية لقائمة المناطق المستعدة لتطبيق الفكرة.

يجب لفت الإنتباه إلى أن هذا الكتاب – من وجهة نظري – عبارة عن ترويج ودعاية للاقتصاد الإسرائيلي، ولرواد الأعمال الإسرائيليين، وللفرص الإستثمارية في إسرائيل، وبالرغم من أن القصص المذكورة جميعها واقعية، إلا أني لمست الكثير من الجمل والعبارات التسويقية التي تهدف لإقناع الشركات الأجنبية بالاستثمار أو فتح فروع تطويريه في إسرائيل. فبعد ذكر قصة شاي التي يمكن أن تشكل نقلة نوعية في قطاع المواصلات والطاقة، يتم سرد أرقام تبهر القارئ مباشرة وتشده أكثر لمحتوى الكتاب ولسر نجاح الإسرائيلين في إنشاء شركات جديدة إبتكارية. فحالياً، يوجد أكثر من 3,800 شركة حديثة مبتكرة وصاعدة في إسرائيل. كما يذكر الكتاب أن عدد الشركات الإسرائيلية التي اُكتُتبت في البورصة الأمريكية NASDAQ أكثر من عدد جميع الشركات الأوروبية. كما يتم الإشارة إلى عامل مهم وسر كبير من أسرار نجاح الأقتصاد الإسرائيلي وهو وفرة راس المال المخاطر أو رأس المال الجريء Venture Capital. وقد سبق وأن كتبت قبل عامين عن أهمية هذا العامل في إنعاش الإقتصاد العربي، وسنوضح في الأبواب القادمة كيف استطاع الإسرائيلين تشغيل هذا النوع من الدعم المادي وتشجيعه. فقد استثمر هذا النوع من المستثمرين في إسرائيل خلال عام 2008 فقط أكثر من 2 مليار دولار، وهذا رقم يفوق ما تم استثماره في بريطانيا أو ما تم استثماره في فرنسا وألمانيا معاً!

ويعود مؤلفي الكتاب مرة أخرى لسرد أعجوبات الاقتصاد الإسرائيلي وقابليته على استقطاب المستثمرين وكبار رجال الأعمال في العالم، فيتم ذكر زيارة رئيس شركة جوجل ورئيس شركة مايكروسوفت والكثير من عمالقة الأسواق العالمية لإسرائيل. كما يتم ذكر المستثمر المخضرم الأمريكي ورين بوفيت وهو ثاني أغنى رجل في العالم، الذي قام ولأول مرة في حياته بالاستثمار خارج أمريكا، حيث استحوذ على شركة Iscar المصنعة لقطع الغيار مقابل 4.5 مليار دولار – رقم هائل تليه أصفار كثيرة! ويذكر أن عملاق الشبكات شركة Cisco الأمريكية قامت بالاستحواذ على 9 شركات إسرائيلية مما يعد نجاح كبير للقطاع التقني الإسرائيلي، وأيضاً يعد جواب شافي لكل مستفهم عن سبب فرحنا بشراء شركة ياهو لشركة مكتوب العربية.

في النهاية، يتم طرح السؤال مرة أخرى: ما هي الخلطة السرية التي يمتلكها الاقتصاد الإسرائيلي؟ هل هي الحاجة والضغوط السياسية والعسكرية التي تدفع بالشعب الإسرائيلي إلى الإبداع؟ أم أن السبب هو المفهوم المعروف لدى الكثير أن اليهود أذكياء فطريا؟ أم أن السبب له علاقة بالأبحاث التقنية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والتي تتحول مع الوقت إلى شركات تقنية؟ بعد طرح جميع هذه الأسئلة يتم نفيها لتشويق القراء على قراءة الكتاب كاملاً، وأنا سأتبع الطريقة اليهودية ولن أخبركم عن الجواب لكي تقوموا بقراءة ملخصات جميع أبواب الكتاب

تنتهي المقدمة بعبارات قوية ومهمة: جهاز الإحصاء الأمريكي يقول بأن معظم النمو الوظيفي (وفرة الوظائف) في أمريكا بين 1980 و 2005 كان مصدره شركات حديثة صاعدة لا يتجاوز عمرها الخمس السنوات. فبينما يشتكي العرب من عدم توفر الوظائف، ويستعين الشباب بشماعة تقصير الحكومة وعدم وجود وظائف في الشركات العربية الكبيرة، لماذا لا نستطيع أن ندرك أن الحل الوحيد لمشكلة البطالة في الوطن العربي هو إنشاء شركات صاعدة مبتكرة.

هناك نقطة مهمة جداً في آخر المقدمة لم تخطر على بالي من قبل: هناك نوعان من أنواع ريادة الاعمال:
Micro-Entrepreneurship و High-Growth Entrepreneurship
كنت دائماً محتار عن سبب غياب ريادة الأعمال في الدول العربية، بالرغم من أننا أمة لها تاريخ تجاري عريق، فمنذ نعومة أظفارنا تعلمنا مبادئ التجارة والمبايعة ولنا خبرة تفوق معظم الأمم في هذا المجال. ولكن التمييز بين هذين النوعين من ريادة الأعمال مهم جداً. فالنوع الأول Micro-Entrepreneurship هو إنشاء شركات صغيرة مبتكرة أو تقليدية لكنها محدودة الحجم أرباحها تكفي عائلة أو بضع عوائل. والعرب مبدعين في هذا المجال حقيقة، ولدينا قدرة فائقة في إنشاء الشركات والمتاجر التي تعيننا على الربح والاكتفاء الذاتي. لكن النوع المهم من أنواع ريادة الأعمال هو النوع الثاني High-Growth Entrepreneurship هذا النوع هو النادر في الدول العربية، وهو عبارة عن إنشاء شركات جديدة مبتكرة لها القدرة على النمو خارج الدولة ليصل إلى الدول المجاورة أو لتصبح الشركة عالمية. نحن في أمس الحاجة إلى شركات من هذا النوع، شركات أنشأها أفراد مثل شركة Aramex الأردنية، لتوظف آلاف الشباب وتنافس الشركات العالمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق