الخميس، 24 ديسمبر 2009

ترجمة كتاب أمة الشركات الصاعدة -Startup Nation الباب الثاني


أكرر شكري للأخ الذي أجهد نفسة في ترجمة هذا الكتاب / عماد المسعودي
الله يبارك فيه إن شاء الله..
لكن أتمنى أن يكون لدي هذا الكتاب لأضم نفسي في ترجمتة ومساعده أخي عماد في الترجمة..
أتمنى أن تعم الفائدة من ترجمة الكتاب..

الباب الثاني: بناء ثقافة الإبتكار
الفصل الثالث: أهل الكتاب

يتحدث المؤلفان في هذا الكتاب عن أهل الكتاب، وهما لا يقصدان أهل التوراة، وإنما أهل كتاب آخر. هذا الكتاب هو تقليد أبتكره الإسرائيلين عند سفرهم السياحي في شتى أنحاء العالم. في بوليفيا هناك مطعم وفندق شعبي يمتلكه يهود ويرتاده كل السياح الإسرائيلين. في هذا المطعم تم تأسيس أول كتاب تعريفي بالمنطقة، فيه يكتب كل زائر رأيه عن المدينة ونصائحه للزوار من بعده، فمثلاً يذكر أن هناك خطر ما في أحد الوديان، أو هناك مطعم لديه وجبه شهية يجب تجربتها. أستمر الإسرائيليين بتأسيس كتاب لكل منطقة يقوموا بزيارته، إلى أن أصبحت ظاهرة الكتاب موجودة في معظم بلدان العالم، وأصبحت ظاهرة يستخدمها كل السياح. بعد ذكر هذه القصة، يبين الكتاب سبب كثرة ترحال الإسرائيليين، ومن ضمن الأسباب المذكورة يبرز سببان. الأول هو الضغوط التي يمر بها الشباب في الجيش، فعند إنتهاءهم من أداء واجباتهم العسكرية، عادة يسافر الإسرائيلي للترفيه عن نفسه ويزور بلدان العالم. السبب الثاني والمثير هو المقاطعة العربية التي تمنع الإسرائيليين من زيارة الدول المجاورة لهم. يواصل الكتاب في ذكر نتائج المقاطعة العربية اقتصادياً ونفسياً على الإسرائيليين ومن ثم يتضح سبب ذكر قصة أهل الكتاب الذين اضطروا لتخطي الشرق الأوسط المعادي لهم ليزوروا ويتعرفوا عن بلدان العالم البعيدة على عكس بقية أفراد العالم، الذين عادة ما يبدأوا بزيارة الدول المجاورة الصديقة.

ذكر المؤلفان المقاطعة العربية أكثر من مرة في الكتاب، فيبدو أن أثارها الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية على إسرائيل ليست بهينة. فيذكر الكثير من الباحثين أن المقاطعة العربية المبنية على أسس عقائدية هي من أقوى وأصرم وأطول وأنجح المقاطعات تاريخياً. ولكن آثار هذه المقاطعة لم تكن سلبية فقط، وإنما كان لها آثار إيجابية على إسرائيل. ويذكر المؤلفان ما قاله أحد الإسرائيليين: كلما حاولت حبسي، كلما سأثبت لك بأني قادر على الخروج وتخطي حواجزك. (تساؤل: وجداركم؟) ذكرت هذه القصة لتوضيح سبب تركيز رواد الأعمال والمستثمرين الإسرائيليين على القطاع التقني الحديث. فهذه المقاطعة أجبرتهم على التخلي عن تصنيع المنتجات لبيعها في السوق المحلي الصغير أو في السوق المجاور المقاطع لكل منتجاتهم. كان عليهم اختيار منتج أو خدمة يمكن بيعها للأسواق البعيدة ويمكن شحنها بسهولة، والتقنية الحديثة كانت أفضل خيار. فالشركات الإسرائيلية لم تتجه إلى أمريكا وأروبا فقط، بل كانت السباقة إلى السوق الصيني الواعد، فمثلاً شركة كولانو الإسرائيلية هي من أكبر الشبكات الاجتماعية في الصين وأعضاءها أكثر من 25 مليون صيني.

يذكر الكتاب أيضاً قصة عولمة شركة نيتافيم الإسرائيلية، فهي الرائدة في مجال الري الزراعي بالتقطير. فصاحب هذه الشركة توصل لفكرة الشركة عندما لاحظ نمو شجرة خلف بيته في منطقة لا يصلها الماء أصلاً، وعندما قام بالبحث عن سبب نموها، اكتشف أن هناك أنبوب مائي يقوم بتسريب قطرات بسيطة سببت نمو هذه الشجرة. هذا الاكتشاف مكن رائد الأعمال الإسرائيلي من تأسيس شركه لها مبيعات في أكثر من 110 شركة حالياً.

أيضاً، يذكر الكتاب قصة جون ميدفيد المستثمر الجريء (VC) الذي بدأ حياته كصهيوني متشدد يتحدث عن مستقبل إسرائيل كدولة يهودية، إلى أن قابل في يوماً ما رجل أعمال إسرائيلي أخبره بأن الكلام والخطب التي يلقيها اسلوب قديم ومضيعة وقت وجهد، وأن إسرائيل لم تعد بحاجة لصهاينة وسياسيين وإنما الدولة تحتاج إلى رواد أعمال ومستثمرين. عندها أتجه ميدفيد إلى العمل مع والده في شركته، وبعدها توجه إلى عالم الاستثمار الجريء وقام بتأسيس شركة استثمارية مخاطرة في القدس، وقم بالاستثمار في شركة Shopping.com الإسرائيلية والتي تم بيعها لاحقاً لشركة eBay، وإيضاً استثمر في شركة Answers.com. والآن يقوم ميدفيد بإدارةفرينجو الشركة التي أسسها شخصياً. الجدير بالذكر أن صهيونية ميدفيد لم تختفي، وإنما تحولت من صهيونية سياسية، إلى صهيونية تجارية، فهو مؤسس فكرة “Israel Inside” المأخوذة من فكرة “Intel Inside” والتي تعني بأن هذا المنتج يستخدم معالج شركة إنتل. ففي كل مناسبة يقوم ميدفيد باستعراض المنتجات والشركات والاختراعات التي تم تأسيسها من قبل إسرائيليين، ولا يتواني ميدفيد عن التفاخر بأن كل شيء حولك من جهاز الموتورولا إلى حاسوبك الذي تستخدمه الآن يحمل منتج أو اختراع إسرائيلي !

الفصل الرابع: هارفرد، برنستن، و ييل
في البداية، أود أن أوضح معنى عنوان الفصل الرابع لمن لا يعرف، فهذه هي أسماء أشهر الجامعات الأمريكية.

بينما ينشغل الطلاب الأمريكان المتخرجين من الثانوية في اختيار الجامعة التي سيتقدموا لها، ينشغل الطلاب الأسرائيليين في اختيار القسم العسكري الذي سينضمون إليه. فالشرف الذي يحصل عليه الطالب الإسرائيلي المتخرج من الثانوية عند قبوله لإحدى فرق القوات الخاصة أو الاستخبارات يوازي الشرف الذي يحصل عليه الطالب الأمريكي عند قبوله في أقوى جامعاتهم. عملية التقديم والقبول للفرق الخاصة الإسرائيلية عالية التنافس، وكل طالب يحاول الدخول إليها لأن دلالات هذا القبول سيكون لها نتائج إيجابية على مستقبله. فعند التقديم للوظائف بعد التخرج من الجيش والجامعة، تكون الخبرة العسكرية أهم من الخبرة الأكاديمية. وأحد أشهر الأسئلة في المقابلات في الشركات الإسرائيلية المهمة هو: أين كان تجنيدك؟ والغرض هو معرفة إن كان المتقدم قد شارك في إحدى القوات الخاصة. سبب هذا التقدير لهذه القوات هو ليس نوعية العمليات التي يخوضها الجندي، وإنما القدرة على تخطي اختبار القبول الصعب ذهنياً وجسدياً.

أقوى هذه الفرق الخاصة هي فرقة تالبيوت. في كل سنة، يتم استقطاب أذكى 2% من خريجي الثانوية للتقديم للقبول في هذه الفرقة، ومن بين هؤلاء المتقدمين يتم قبول 10% فقط بناءاً على نتائج اختبارات فائقة الصعوبة. ومن ثم يتم تدريب هذه الفرقة عسكرياً لمدة سنتين، وخلال هذه الفترة يتم إدراجهم في برنامج جامعي مكثف في الفيزياء أو الرياضيات، بينما يتم تدربيهم على أحدث التقنيات الحديثة وكيفية استخدامها في جميع أقسام الجيش. أعضاء هذه الفرقة يتم تعريفهم بجميع أقسام الجيش لكي يستطيعوا التعامل مع العمليات العسكرية المختلفة بسهولة، كما يتم توكيلهم بإدارة مهمات مختلفة. خريج هذه الفرقة يسمى تالبوت، وهذه التسمية تعد فخر له وتضفي برستيج خاص على مستقبله العسكري والمدني. العديد من خريجي هذه الفرقة أيضاً، أصبحوا رواد أعمال مشهوريين وأسسوا شركات مثل: MetaCafe.com, NICE Systems, Compugen والعديد من الشركات الأخرى التي أصبحت تتداول في أسواق الأسهم الأمريكية.

يذكر الكتاب نقطة مهمة كسبب من أسباب نجاح رواد الأعمال الإسرائيليين، وهي مستوى النضوج الذي يتحلى به الشباب الإسرائيلي. فتوليهم لمسؤولية عالية في الجيش قبل بلوغ سن الـ 20 سنة، يزيد من سرعة نضوجهم. وهذه الخبرة العملية القيمة تساعدهم في اختيار تخصصاتهم الأكاديمية بعد إنتهاء فترة التجنيد، وأيضاً تمكنهم من التركيز والإبداع في دراستهم لأنهم أكثر نضوجاً مقارنة ببقية الطلاب في العالم. الخريج التقليدي يكون في أواخر العشرينيات، متزوج، ولديه خبرة عملية من الجيش. هذه الخبرة وهذا النضوج يساعده على الإبتكار، فالإبتكار هو عبارة عن ربط نقاط متفرقة، وعادة لا يصل إلى هذه النقاط إلا من مر بتجارب كثيرة.

أيضاً، يذكر الكتاب نقطة مهمة عن الجيش الإسرائيلي وعن القوات الخاصة، وهو كيفية اختيار المتقدمين للبرنامج. فمثلاً، قوات المارينز والجيش الأمريكي تبحث عن المتقدمين في العوائل ذات الدخل المحدود، وتستقطبهم عن طريق عرض إغراءات مالية وضمانات للتكفل بتغطية الرسوم الدراسية الجامعية بعد إنتهاء فترة الخدمة والنتيجة جيش من المرتزقة. (ماذا عن البلدان العربية؟) أما في الجيش الإسرائيلي، فالدولة تمنح الجيش صلاحية خاصة لتفحص درجات طلاب الثانوية لكي يتم إنتقاء أذكاهم وأكثرهم تفوقاً.

وفي الأخير، يركز الكتاب على أهمية الخبرة العسكرية، ويتم نصح الشركات الأمريكية بتقدير خبرات أفراد الجيش الأمريكي العائدين من العراق وأفغانستان. فحالياً، معظم الشركات لا تقدر هذه الإمكانيات. ويتم ذكر قصة عسكري أمريكي تقدم لوظيفة وسيرته الذاتية تذكر المهام التي وكلت إليه في الجيش والخبرات التي مر بها، والمهارات التي أجادها، ولكن الشخص الذي قابله سأله: “كل ما ذكرته جيد، ولكن هل سبق لك وأن عملت عمل حقيقي؟” !

الفصل الخامس: عندما يلتقي النظام مع الفوضى
بعد شرح أهمية الخبرة العسكرية في إفراز رواد أعمال ناجحين، ينتقل الكتاب إلى سبب أخر يجعل إسرائيل مميزة عن غيرها من الدول. يبدأ الفصل الخامس بتعليل سبب الاهتمام العسكري الشديد في إسرائيل، فمن بين الدول النامية، 3 دول فقط لديها تجنيد إجباري: إسرائيل، سنغفورة، وكوريا الجنوبية، والسبب واضح، وهو وجود خطر عسكري كبير محيط بهذه الدول. ويتسأل المؤلفان: لماذا لم تظهر شركات صاعدة كثيرة في هذه الدول، ما دامت ظروفها تشابه الظروف الإسرائيلية. فسنغفورة تحديداً قامت بتوكيل أحد كبار القادة العسكريين الإسرائيليين برسم وتنفيذ خطة برنامج التجنيد الإجباري السنغفوري، أي أن برنامجهم التجنيدي شبيه جداً بالبرنامج الإسرائيلي. والجواب على هذا السؤال في الحقيقة كان مقنعاً، وهو أن الدول الأسيوية عموماً لديها تقليد اجتماعي شهير يضخم ويهول الفشل بكل أشكاله. ففي أواخر التسعينات ومع نمو الموجة الأولى من موجات الشركات الإلكترونية، خاطر الكثير من الأسيويين في هذا المجال، ولكن عند إنفجار فقاعة الإنترنت، وإنهيار الشركات الإلكترونية، انطبعت وصمة عار على رواد الأعمال الأسيويين وأصبح الكثير يتجنب المخاطرة نظراً للنظرة الاجتماعية السلبية التي تحيط بها.

من جهة أخرى، المجتمع اليهودي يرحب بمبدأ الوقاحة والجدل (خوتزبة) ويتساهل مع الفشل ويدرك بأنه جزء من عملية الوصول إلى النجاح. يذكر المؤلفان قصة إحدى رحلات ناسا التي تدمرت بسبب سقوط قطعة تسببت بتعطيل المركبة، والمثير في الأمر أن بعض المهندسين أنتبهوا لهذه القطعة في وقت مبكر وقاموا بالتبليغ عن المشكلة، ولكن الإدارة الرئيسية ردت بأن الأمر طبيعي وقد حصل من قبل، وقام المهندسين بالتنبيه مرة أخرى وقالوا بأن هذه القطعة هي أكبر قطعة تسقط من مركبة إطلاقاً، ولكن الإدارة تجاهلت الأمر، وهذا كان السبب الرئيسي لتعطل وإنفجار المركبة الفضائية. ويبين الكتاب، بأن مثل هذا الموقف لن يحصل في إسرائيل، فلو أن موظف لاحظ مثل هذه المشكلة واقتنع بأن عواقبه ستكون جسيمة، لن يقبل برفض الإدارة وسيجادل ويناقش ويكبر الموضوع إلى أن يتم إدراك وجهة رأيه تماماً.

يعود الكتاب للجيش مرة أخرى، ولمبدأ عسكري في الجيش الإسرائيلي يسمى ملخص الأحداث، وهو عبارة عن اجتماع يشمل جميع أفراد الفرقة العسكرية يتم فيه نقاش ما حصل في الحملة العسكرية أو في المعركة. خلال هذا الاجتماع يشتد النقاش ويتوجب على كل فرد إتقان فن الجدال والنقاش. الأخطاء مقبولة، والاعتراف بالخطأ ليس كافياً، وإنما يتوجب على الفرد توضيح الدروس المستفادة من الخطأ لكي تعم الفائدة ويتجنب العقوبة. فمثلاً، في حرب 2006 ضد جنوب لبنان، اعترف الإسرائيليين بأنها كانت هزيمة لهم، ولكن اجتماع ملخص الأحداث لم يقتصر على الفرق التي شاركت في الحرب، وإنما تم على نطاق الدولة بالكامل. فعلى عكس الجيوش التقليدية التي عادة ما تقتصر فيها النقاشات على الإدارة العسكرية، تم مناقشة الأخطاء والدروس في الكنيست وفي الصحف. وخلاصة ما توصل له الخبراء هو أن سبب فشل إسرائيل في هذه الحرب يرجع إلى قبول القيادات العسكرية للأوامر التي كانت تصدر لهم بدون نقاش كافي. فمن الناحية القتالية كان أداء الأفراد ناجحاً، ولكن الفشل كان فشل في التخطيط الاستراتيجي. في النهاية، يوضح المؤلفان أهمية هذه القصص لدول مثل سنغفورة وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي تسعى لإثراء روح ريادة الأعمال في دولهم. يجب أن يتم التساهل مع الفشل، وتقبل الجدل والنقاش..

وشكر أخير إلى أخوي الغالي عماد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق